علاء سراحنة
كم مرة علينا أن نتيتم، وكم مرة على فلسطين أن تبكي رجالاتها الذين تخطفهم القدر، واعتلت أرواحهم محلقة في السماء ترقب ثمارها التي زرعته على مدار حياتها المتواضعة.
حزن يخيم على أرجاء فلسطين، يوم ثقلت فيه القلوب في وداع ثلة من المفكرين والصناديد في مقارعة الاحتلال، وغورقت العيون دمعا على من أسهموا في العلم والمعرفة والنضال والثورة فتوشحت مدينة رام الله بغيمة آلم وفراق لشيخها المجاهد عمر البرغوثي، فانتفضت القلوب وجاءوا من كل حدب، مؤكدين حبهم لأبو عاصف فهتفت "يا صالح بلغ أبوك كل الناس يحبوك".
وفي جنوب الضفة الغربية، في مدينة خليل الرحمن، سار موكب الوداع وانهمرت دموع السماء مع دموع الأرض في تشييع جثمان المعلم والمثقف الدكتور عدنان أبو تبانة، ورافقته إلى مثواه الأخير.
وكذلك، التحم المشهد في قطاع غزة بتشييع جثمان الدكتور ماجد الفرا.
المثقفون أول من يقاومون ولا ينكسرون، وهذا ما شاهدناه اليوم واستمعنا لمناقب الرجال الجبال، مثقفون مشتبكون طوال حياتهم، وبعد مماتهم أثبت أن مسارهم جدوى مستمرة.
الخليل تشيع أبو تبانة
شيعت الحشود الغفيرة اليوم الجمعة، في مدينة الخليل الدكتور عدنان أبو تبانة "أبو أنس"، وحضرت شخصيات اعتبارية وتنظيمية تكن لهذا المعلم الجليل مكانة في قلوبها.
وبدأت الجنازة بعد إلقاء نظرة الوداع على جثمان أبو تبانة داخل منزله، ومن ثم تم نقله إلى مسجد عثمان بن عفان،حيث المشاركين عليه بعد صلاة الجمعة.
وتقدمت قيادات من الحركة الأسيرة، وحالات من عشائر الخليل، لإلقاء كلمات تعدد مناقب د. أبو تبانة، واثنوا عليه شهاداتهم التي استنتجوها من معايشتهم له في السجون والمساجد وفي الجامعات.
وأشار نجل الفقيد، أن رحيل والده صدمة كبيرة آلمت الجميع، فانتابهم الحزن والحسرة على رحيل معلم ورجل عانى من ويلات الاعتقال في سجون الاحتلال.
ولفت أن وباء العصر "كورونا" كان قدر والده بعد إصابته به قبيل اسبوعين، ليرتقي الليلة الماضية وتعود روحه إلى مثواها الأخير.
وأضاف أن العائلة تلقت إتصالاً هاتيفياً من رئيس المكتب السياسي لحركة حماس " إسماعيل هنية " وقدم هنية التعازي باسم الحركة وأهل فلسطين برحيل الدكتور أبو تبانة، الذي كان قامة عالية ورجل صنديد وعنيد في مجابهته للاحتلال وقد أفنى حياته مجاهداً من أجل وطنه.
وودعت حركة حماس قائدها أبو تبانة، مقدمة وفاءها له، فأعلت رايتها في جنازته المهيبة، وهتفت لرحيله.
ويعتبر الدكتور عدنان أبو تبانة، علم من أعلام مدينة الخليل، وقائدا في العمل الوطني والإسلامي.
وعمل أبو تبانة محاضرا في العديد من الجامعات الفلسطينية، وكان أبرزها جامعة النجاح الوطنية، وجامعة القدس المفتوحة.
وعكف على تأليف العديد من الكتب والأبحاث في التاريخ الفلسطيني، ولم يمنعه ضغط عمله على أن يكون واعظا في مساجد الخليل، وحضور المؤتمرات الوطنية والإسلامية.
تعرض أبو تبانة إلى عدة اعتقالات في سجون الاحتلال، حيث بلغ مجموع اعتقالاته عشرة سنين،ولم يمض على الافراج عنه من اعتقاله الأخير عدة أشهر.
تعرف على د.عدنان أبو تعبانة وعائلته
وقال الدكتور أسامة الأشقر، أن عائلة أبو تبانة تعود إلى بلدة الفالوجة التابعة لقضاء غزة بين الجبل والساحل الفلسطيني، وهي اليوم بلدة تقع في أراضينا المحتلة عام 1948 حيث كان معسكر الجيش المصري، وعائلة أبو تبانة واحدة من فروع عائلة السعافين هناك، وكان جده عبد المجيد أبو تبانة السعافين من وجهاء الفالوجة ووجهاء عشيرته وأحد أعضاء مجلسها البلدي المنتخبين في عشرينيات القرن الماضي أيام الاحتلال الإنجليزي لفلسطين؛ لكن أسرته لجأت إلى الخليل التي ولد فيها ونشأ وترعرع وكبر.
ولفت الأشقر، إلى أن د.عدنان أبو تبانة، تخرج في جامعة النجاح بنابلس في تخصص التاريخ والآثار، وبعدها بتسع سنوات قاسيات حصل على الماجستير من الجامعة ذاتها 1999م ، ونال الدكتوراه من جامعة مفتوحة "جامعة العالم الأمريكية".
وبين أنه اشتغل في الجميعة الإسلامية الخيرية في الخليل، ومحاضراً في قسم التاريخ بجامعة القدس المفتوحة، ومديراً لمركز الخليل للدراسات التنموية والتاريخية، وكان في الوقت ذاته تاجراً يقوم بنفسه وأسرته الكبيرة المباركة.